كما تعلمون أولا تعلمون –قضيت نصف عمري تقريبا في مدرجات الدرجة التالتة ، خلف الزمالك غالبا ، والمنتخب أحيانا ، والاسماعيلي طبعا حين يتطلب دعمنا المشروع أمام الأهلي ، وفي مدرجات الاسماعيلي قبل عشرين عاما تعرفت علي هذا المصطلح للمرة الأولي ( مدرج المعاشات ) .
كنا عادة في مدرجات الاسماعيلية نتكون من عدة آلاف من جمهور الاسماعيلي ، ومثلهم من جمهور الزمالك ، معظمنا من الشباب والمراهقين والصبية ، إلا مجموعة محدودة قليلة العدد كبيرة السن ، نستخدم في تشجيعنا كل ما غير مشروع من الهتافات المبالغ في أخلاقيتها ضد الخصم ، نفعل ذلك بحماس شديد عدا أصدقائنا القابعون في الخلف بهدوء والمعروفون ب ( مدرج المعاشات ) الذين يجلسون يتابعون ويشجعون في صمت ، هم معنا وليسوا معنا في ذات الوقت .
عقب ظهور المؤشرات التي تؤكد دخول شفيق مرحلة الإعادة ، قفز إلي ذاكرتي فجأة مصطلح ( مدرج المعاشات ) ، فعلها شفيق بسبب مدرج المعاشات وأصواتهم ، هؤلاء الذين قضوا معظم عمرهم في ظل مبارك ، كان من المنطقي أن ينحازوا لنموذج مثل شفيق ، الذي بدا واثقا من قدرته علي إعادة الهدوء للبلد ، وهؤلاء وملايين غيرهم من ربات البيوت إلي بقايا الحزب الوطني ورجال الأعمال وشريحة لا بأس بها من الطبقة الوسطي المصرية مسلمون وأقباطا وجدوا به ضالتهم ، خاصة أنه وبصراحة شديدة ، المجتمع المصري أو قطاعات عريضة منه لم تتلقي ( رسائل طمئنة ) من أي فصيل طوال العام الماضي ، الإخوان والسلفيين أثبتوا أنهم في منتهي الغباء في كثير من الأحيان وتعاملوا مع ما حققوه من مكاسب سياسية بسخف شديد وبدا وكأننا أمام ( فتح مكة ) ، وهم المسؤول الأول عن اتجاه الناس للتصويت لشفيق بما أثاروه من ذعر وخوف علي شكل الدولة المصرية التقليدي الذي اعتدناه ، ولا مسؤولية الكثيرين من الائتلافات وشبابها سبب أيضا في صعود حالة مثل حالة أحمد شفيق ، ليس من السمؤولية ولا من الذكاء في شيء إغلاق الميدان كل أسبوعين ولا الاعتصام في العباسية أمام الوزارة ، هذه الأمور إن لم تتم وخلفك ظهير شعبي واسع ، فهي للأسف تخصم من رصيدك ، وهذا ما حدث في تقديري ورأيي المتواضع
ويتبقي فقط جملة أخيرة ، الأكثر استفزازا في كل ما حدث هو تحميل الأقباط مسوؤلية صعود شفيق ، للأسف تتعامل قطاعات واسعة في هذا البلد مع الأقباط باعتبارهم ( الحيطة المايلة ) ، ما الذي يثبت أن الأقباط صوتوا لشفيق ؟ لا شيء طبعا هي فقط مجرد تصورات ، مع ملاحظة أنه وبالأساس ، لم يجد الأقباط من يطمئنهم علي مصيرهم في هذا البلد ، ولا تلوموهم إن انحازوا لمن يطمئنهم علي مستقبلهم أمام من يتعامل معهم باعتبارهم أهل ذمة