كان سيد دياب ممن لم يسقطوا من الذاكرة ، تعارفنا في الثانوية العامة ، ماكانش معانا في النقراشي كان في مدرسة تانية مش فاكر هي أيه ، بس جمعتنا الظروف لما انا واتنين صحابي في الفصل كنا بندور علي واحد رابع معانا ناخد درس انجليزي ،ما كنتش اصلا باخد دروس يعني ، هي مرة في أولي ثانوي خدت درس كيميا لمدة شهر ، ومرة تاني خدت درس ألماني لمدة شهر برضو، وبس علي كده ، المهم اكتمل عقد درس الانجليزي لما أيمن صاحبي قال انه لقي رابع ،واحد جارهم في الأميرية اسمه سيد دياب وكده نقدر نبتدي والدرس هيكون عند سيد في البيت .
وهكذا أخدت العنوان وانطلقت مساء يوم سبت من منزلنا في المسلة إلي ميدان المطرية في انتظار ميكروباص أو أي وسيلة مواصلات تذهب بي إلي شارع الكابلات حيث يسكن سيد ، أظن أنني اخترت التعبير الصحيح حين قلت (أي وسيلة مواصلات ) ، فقد انتظرت طويلا ولم أجد مفرا من ركوب ( عربية كارو ) تبرع صاحبها مشكورا بتوصيلي في طريقه ، وكان ذلك ممتعا جدا ، العيب الوحيد والشيئ الذي لم يكن في الحسبان ،أنني وجدتهم في انتظاري في الشارع ،وكان مشهدا مشرفا وبداية طيبة للتعارف حين وجدوا الشخص الذي ينتظرونه ولم يروه من قبل يقفز إليهم من عربة كارو معتذرا عن التأخير ثم يلتفت إلي سائق الكارو شاكرا إياه علي خدماته وعلي أمل اللقاء الأسبوع القادم .
عرفهم أيمن علي العبد لله وقدمهم ليا ،سيد دياب وسعيد ، وطلعنا استنينا المدرس وابتدت علاقتنا التي استمرت سنوات بعدها وحملت اسم ( مرحلة الأميرية ) وهي مرحلة أدين لها بالكثير من الفضل .
إبتدينا الدروس وابتدينا نبقي صحاب تدريجيا وابتديت احب المنطقة وناسها قوي ، كانت الأميرية في ذلك الوقت هي التي حملت مشعل الحضارة والتنوير بعد انهيار الباطنية ،وكان سكان بلوكات الأميرية حيث كنا نلتقي ،يتفاخرون بعنوان تصدرت به أخبار الحوادث صفحاتها يقول ( الباطنية نامت والأميرية قامت ) ، ولا أعلم هل فعلت أخبار الحوادث ذلك أم لا ، لكن أصدقائي كانوا دائما ما يرددون ذلك ، وكنت أشعر فعلا أنني في وكر للإجرام ، في مرة كنت عند سيد في البيت وسمعنا صوت خناقة ،فتحنا الشباك لنجد اشتباكا مسلحا بالمطاوي والسنج والسيوف ! شاب ماسك سيف حقيقي وقاعد يهوش بيه ، وكان من سيد إلا أن أطلق صيحة عالية النبرة ، بتضربوا..... صاحبي يا ولاد ال.... ، وراح قايم ساحب سيفه وجاري ع الشارع ( قال وانا اللي كنت فاكر نفسي صايع )، المهم نزل واتخانق واتلم الموضوع كالعادة دون أي دماء أو استخدام للأسلحة ( طيبة المصريين تفرض نفسها دوما في النهاية ) وحقك عليا يا نجم ، وماتزعلش يا شقيق ، وخدلك سيجارة بوكس من معايا ،لا والله ده واجب عليا وشكرا .
أما الدرس نفسه فحدث ولا حرج ، لم يكن لسيد أي علاقة باللغة الإنجليزية فعلا وكنت أبدو مقارنة به كأني شيكسبير ، ليس لأنني فقيه في اللغة لا سمح الله ،أبدا كنت طالب متوسط ، لكنه كان لا يعرف شيئا فعلا ، لدرجة ان المدرس نفسه قال مازحا في مرة (ما تنفعش غير طبال ) والمدهش ان سعيد رد بعفوية ( ماهو طبال يا بيه ) وراح ساحب طبلة سيد من تحت السرير وابتدي سيد يطبل فعلا وسط ذهول المدرس وضحك العبد لله ،ويطبل وهو بيورينا طبلة الزفة عاملة ازاي ، والفرقة بتتحرك ازاي في دخلة العريس والعروسة مثلا إلخ ههههه .
انتهت السنة ونجحت واضطر سيد يعيد السنة بسبب الانجليزي ، تلات مرات يعيد ثانوية عامه بسببها ، كنا قد أصبحنا أصدقاء فعلا وكنت احب اروح له هو وسعيد واسهر معاهم خاصة ان المنطقة بالكامل تقريبا كانت عارفاني لأن معظمنا كنا في النقراشي والدنيا كلها منفدة علي بعضه زي مانتوا عارفين ،العيال دي كانت نموذج للجدعنة وولاد البلد اللي بجد بقي ، كلمتهم كلمة ،اللي يحبوه يحبوه واللي يكرهوه يكرهوه ومالهمش غير وش واحد ،اللي في جيبه في جيبك ،لكن ما يبصش ع اللي في جيبك ، كتير من الصفات النادرة كانت مغروسة جواهم ، سعيد مثلا بعد ما اتخرج دخل الجيش ، وهو في الجيش ظابط شتمو بالأب ،سعيد قاله انا ماحدش يشتمني ،وأخد فيها اربعين يوم سجن انفرادي !
راحت الايام وجات ونجح سيد في الثانوية وكان يوما مشهودا ،أقيمت الأفراح والليالي الملاح وعلقت الزينات من الجيران والأقارب سيد كان والده متوفي وهو الولد الوحيد لأمه وكانت الناس مبسوطة قوي للست اللي شايلة الهم ده لوحدها ، ابتعدت انا شوية كتير عنهم لكن كانت السلامات والتحيات المتبادلة تصلهم من خلال أيمن اللي كان معايا في نفس الكلية ،وفي يوم من الأيام أيام الجامعة والسياسة وكان أيمن دايما بيشوفني في المظاهرات وبتاع ،إتقبض علي مجموعه من زمايلنا،وراح أيمن قال لسيد ما تفهمش ليه ان قناوي مطلوب وهربان من الحكومة ههههههه ، بس يا سيدي ولقيتلك سيد بيدور عليا وجالي البيت فعلا وراسه وألف سيف استخبي عنده وان هناك أمان والحكومة مش هترعف توصلي وكده ،وانا بقوله يا سيد يا سيد ما تكبرش المواضيع ولا فيها حكومة ولا بتاع دول حياله مظاهرتين وقبضوا علي العيال واللي روح روح وخلاص ،وده يقولي أبدا هتيجي يعني هتيجي ، ورحت بيت عنده ليلتين فعلا ،واتفرج بقي ع الجو اللي عامله ،في ربع ساعة كان كل صحابنا القدام عنده في البيت جايين يشوفوا اخوكم وسيد فرحان قوي اني بايت عنده ،وكانوا يومين حلوين فعلا ، العيال دي ما تعرفش الهزار ، لأن خناقاتهم مع الحكومة بتكون خناقات فعلا ،بيبقوا فاكرين الدنيا كلها كده ،هما والحكومة بيشوفوا بعض من حتة غير اللي احنا والحكومة بنبص فيها علي بعض خالص .
Friday, August 06, 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment