تفطر وتنزل سريعا ،تسير بلا هدف ولكن بارتياح نفسي معقول يذكرك بأيام الصبا ،تقرر أن تركب المترو من المحطة التالية الهادئة ، تحب هذه المواصلة المباشرة المناسبة جدا لعصبي مثلك غير قادر رغم كل هذه السنوات علي التكيف مع زحام القاهرة القاتل ،تتذكر محاولتك الفاشلة للذهاب للمهندسين يوم الإثنين الماضي ساعتان كاملتان تحاول ان تجد أي مواصلة وتفشل تماما سائقوا التاكسي أغبياء ولست مضطرا لدفع المبالغ الفلكية التي يطلبونها ،ينتهي الأمر بأن تعتذر عن الموعد وتغلق هاتفك وتعود لبيتك مؤكدا لنفسك أنك بالفعل نفدت من فخ السكن في الأماكن التي لا يذهب المترو إليها .
تركب المترو ،تجلس بعد محطة واحدة بجوار الشباك ،إعلانات المسلسلات الرمضانية تعلو الكباري الصاخبة ، تلمح أكثر من إعلان لمملكة الجبل -أصبحت نجما يا عمرو - تتذكر تلك الأيام وبداية تعارفكما -أربعة عشر عاما - ثلاثة اعوام قضيتموها كمعارف عابرين ،وعشرةأعوام من الصداقة الحقيقية ،لا يعرف أحد أبدا لحظة بدء الصداقة الممتدة وتتذكرها جيدا حين دخلت المكان فوجدته ينتظرك وكان ذلك مفاجئا ،لم يكن من رواد المكان ، حكي لك يومها تفاصيل ذلك اليوم التي دفعته للمجيئ وقال أنه أتي من النقابة ،كان هناك لتسجيل واختيار اسمه الفني ،وحين ذكر لهم اسمه الرباعي بالكامل اختاروا له اسما فنيا رفضه تماما- - .تسرح قليلا وأنت تتذكر هذه التفاصيل ولا تعلم هل يحق لك ذكرها ام لا ، تتذكر أيضا أنه تحدث عنك كثيرا -لن يحدث شيئ إذا تحدثت عنه قليلا ،تنتبه أن محطتك قد أتت وتنزل .
لم يصل الزحام إلي مداه بعد وتستطيع السير بهدوء قليلا في طلعت حرب مستمتعا بالتدخين بحرية والتطلع إلي بعض الفتارين ،تلمح محلا جديدا (يحيي ميجا ستورز ) !لماذا هذه المبالغة ؟ لماذا لم يسم نفسه (يحيي ستورز ) وخلاص !أصبحت المبالغة ظاهرة في هذا البلد ،هناك شيئ ما في نفوس المصريين يدفعهم لذلك ،ألحظ هذا يوميا في تفاصيل عديدة ،كثير من سكان سراي القبة والزيتون يقولون أنهم من سكان مصر الجديدة ،من يسكنون مدينةالسلام يقولون في (النزهة ) ،في محلات الكشري يضع أصحاب المحلات صورا لهم تشعرك أنك أمام مانديلا ،لعن الله عصر الانفتاح .
تعرج يسارا إلي البورصة ،تفتح المكان وتأتي لك قهوتك سريعا - خمسة عشر عاما كفيلة بأن يعرف عمال المقهي موعد وصولك الفنجان الذي تفضل أن تحتسيها به ، لا تحمل عودك اليوم ولا مواعيد لديك وتجلس لتشربها في الخارج بهدوء - تشعر ببعض السكينة- تمر فتاة عابرة لا تلمح وجهها لكنها تبدو الفتاة التي كنت تحبها قديما قبل عشر سنوات ، تفكر أن تلحقها للتأكد إن كانت هي أم لا وتتراجع عن ذلك مكتفيا بنشوة أنها قد تكون مرت من هنا كي تراك ، تصطدم عينك بصفحة أخبار الأدب التي تضعها علي الزجاج -تقرأ الموضوع كاملا رغم انه أمامك طوال سنوات ، تنظر إلي العنوان الذي اختاروه يومها (السير عكس السائد ) -تبتسم ،هل كانوا يقصدونك بهذا العنوان أم يقصدون المكان ، تبتسم وتتمتم (حدوتة حتتنا ) ، تسرح طويلا مع ذكريات هذه البقعة الجغرافية المدهشة ، من مروا ومن عبروا ومن استمروا ، من أثر ومن تأثر ، أين كانت ستسير بك الأمور لو لم تلتقي فريق الأحلام المدهش (أسامة وخير ودرويش وعمرو وعلام )تعرف أن هؤلاء هم أصحاب البصمة الأكبر - تضحك ربما لولا لقائك بهم لسارت الأمور في اتجاه آخر وأصبحت من الذين تطلق الدولة سراحهم هذه الأيام في مبادرة وقف العنف ،يستمر جلوسك بالخارج قرابة ساعة ، تمني النفس بمرور من تعتقد أنها حبك القديم مجددا، تشعر بكثير من الراحة لتذكرها وتفكر أنه سيكون هناك الكثير من الحكايات التي ستحكونها إذا التقيتم وستقضون ساعات طويلة مع بعضكما البعض متجاهلين الزمان والمكان وأنكما كالعادة ستشعرون أنكما تلتقيان لأول مرة وتولدون من جديد ، كم مرة حدث ذلك بينكما ؟ مرة ، مرتان ،ثلاثة ؟ لا تذكر علي وجه التحديد،لكن ما تذكره جيدا أنكما تسامحان بعضكما البعض دوما، تتذكر ما قالته لك في اللقاء الأخير ، كانت في الجولة الأولي بينكما تقول عنك شخصية روائية ، في جولتكما الثالثة سألتها عما إذا كانت ما زالت تري ذلك وأجابتك ( بالتأكيد .) ، تسحبك الذكريات بعيدا وتتذكر ذهابك للاستاد يوم ريال مدريد ،ولعنة الفراعنه التي تصيب من تشجعهم وتجعل الأهلي يفوز دوما وتتذكر المواطن الذي كاد أن يسبب لك سكته قلبية من فرط الاستفزاز وهو يردد بكل ثقة بعد انتهاء المباراة أن ريال مدريد كان جاي مصر وعامل ( ميت حساب للاهلي )،وتحمد الله أنهم لم يتوصلوا بعد للاختراع الذي يقرأ ما في العقول وإلا كان مصيرك يومها السجن بسبب كم الألفاظ النابية التي رددها عقلك لهذا الشخص المستفز ، تشعر بكثير من الراحة حين تفكر انه يمكنكما اللقاء ثانية ولوكأصدقاء -تفكر في تصديق البيت القائل (نقل فؤادك )، وتبذل مجهودا في تذكر شطره الثاني ثم تضحك حين تظن أن شطره الثاني قد يكون (تأتي الرياح) ، تكتفي بهذا القدرمن الراحة اليوم وتخشي أن يأتي من يفسدها وتنسحب بهدوء .
Sunday, August 15, 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
3 comments:
أنا متأكد انك ماكنتش هاتبقى من اللي هايخرجوا في مبادرة وقف العنف ، عشان عارف دماغك
:)
بس فعلا ريال مدريد كان عامل حساب للأهلي ومستعدله كويس ، ومع ذلك تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن
:)
حبايبك اهم
http://www.youtube.com/watch?v=KVfj3lVGmWY
ههههههه
بخصوص الفيديو بتاع حبايبي فانا شفته من زمان وكنت ناوي انشرو في الوقت المناسب
أما دماغي فمش عارف مالها يعني
كل واحد يقعد يقول عارفك وعارف دماغك
مع إنها نموذج للمرونة
أما عن ريال مدريد فماعنديش غير كلمة واحده
يمهل ولا يهمل
Post a Comment