Tuesday, May 29, 2012

مدرج المعاشات


كما تعلمون أولا تعلمون –قضيت نصف عمري تقريبا في مدرجات الدرجة التالتة ، خلف الزمالك غالبا ، والمنتخب أحيانا ، والاسماعيلي طبعا حين يتطلب دعمنا المشروع أمام الأهلي ، وفي مدرجات الاسماعيلي قبل عشرين عاما تعرفت علي هذا المصطلح للمرة الأولي ( مدرج المعاشات ) .

كنا عادة في مدرجات الاسماعيلية نتكون من عدة آلاف من جمهور الاسماعيلي ، ومثلهم من جمهور الزمالك ، معظمنا من الشباب والمراهقين والصبية ، إلا مجموعة محدودة قليلة العدد كبيرة السن ، نستخدم في تشجيعنا كل ما غير مشروع من الهتافات المبالغ في أخلاقيتها ضد الخصم ، نفعل ذلك بحماس شديد عدا أصدقائنا القابعون في الخلف بهدوء والمعروفون ب ( مدرج المعاشات ) الذين يجلسون يتابعون ويشجعون في صمت ، هم معنا وليسوا معنا في ذات الوقت .

عقب ظهور المؤشرات التي تؤكد دخول شفيق مرحلة الإعادة ، قفز إلي ذاكرتي فجأة مصطلح ( مدرج المعاشات ) ، فعلها شفيق بسبب مدرج المعاشات وأصواتهم ، هؤلاء الذين قضوا معظم عمرهم في ظل مبارك ، كان من المنطقي أن ينحازوا لنموذج مثل شفيق ، الذي بدا واثقا من قدرته علي إعادة الهدوء للبلد ، وهؤلاء وملايين غيرهم من ربات البيوت إلي بقايا الحزب الوطني ورجال الأعمال وشريحة لا بأس بها من الطبقة الوسطي المصرية مسلمون وأقباطا وجدوا به ضالتهم ، خاصة أنه وبصراحة شديدة ، المجتمع المصري أو قطاعات عريضة منه لم تتلقي ( رسائل طمئنة ) من أي فصيل طوال العام الماضي ، الإخوان والسلفيين أثبتوا أنهم في منتهي الغباء في كثير من الأحيان وتعاملوا مع ما حققوه من مكاسب سياسية بسخف شديد وبدا وكأننا أمام ( فتح مكة ) ، وهم المسؤول الأول عن اتجاه الناس للتصويت لشفيق بما أثاروه من ذعر وخوف علي شكل الدولة المصرية التقليدي الذي اعتدناه ، ولا مسؤولية الكثيرين من الائتلافات وشبابها سبب أيضا في صعود حالة مثل حالة أحمد شفيق ، ليس من السمؤولية ولا من الذكاء في شيء إغلاق الميدان كل أسبوعين ولا الاعتصام في العباسية أمام الوزارة ، هذه الأمور إن لم تتم وخلفك ظهير شعبي واسع ، فهي للأسف تخصم من رصيدك ، وهذا ما حدث في تقديري ورأيي المتواضع

ويتبقي فقط جملة أخيرة ، الأكثر استفزازا في كل ما حدث هو تحميل الأقباط مسوؤلية صعود شفيق ، للأسف تتعامل قطاعات واسعة في هذا البلد مع الأقباط باعتبارهم ( الحيطة المايلة ) ، ما الذي يثبت أن الأقباط صوتوا لشفيق ؟ لا شيء طبعا هي فقط مجرد تصورات ، مع ملاحظة أنه وبالأساس ، لم يجد الأقباط من يطمئنهم علي مصيرهم في هذا البلد ، ولا تلوموهم إن انحازوا لمن يطمئنهم علي مستقبلهم أمام من يتعامل معهم باعتبارهم أهل ذمة



Monday, May 21, 2012

نديميات 2

قد تفرض عليك جولة الإعادة المتوقعة الاختيار بين خصمك وبين ( الأكثر خصومة ) ، وللأسف هذه أحكام القدر ، وو جهة نظري باختصار انه في مثل هذه الظروف اختار ما ترغب في اختياره وماحدش ليه عندك حاجة ، المهم انك ما تزايدش علي حد ، لأن ببساطة ما حدش ليه حق المزايدة عليك .

حدة الناس وعصبيتهم الغير مفهومة تجاه الخيارات المختلفة من المسائل اللافتة ، قطاع غير قليل متفرغ فقط لتسفيه آراء الآخر ، للأسف وكأننا لسه بنتعلم ألف ب سياسة وديمقراطية ،لا اعلم كيف نكون دعاة حرية ونحن هكذا لماذا لا يتبني كل منا ما يتبناه بهدوء وانتهي الأمر ؟ وما الداعي لكل هذا التخوين لا تعلم

يردد الكثيرون ان انتخاب عمرو موسي أو شفيق سيعني ببساطة إعادة إنتاج النظام القديم ، وبصراحة شديدة أعتقد ان هذا الكلام به مبالغة كبيرة ، بغض النظر عن سمات وعيوب اي مرشح منهما ، لكن وباختصار فمسألة إعادة إنتاج نظام ما ، هي مسؤولية شعب وليس قرار حاكم ،و أنظمة الحكم التي تسقط بصيغة شعبية وجماهيرية مثل التي أسقطنا بها نظام مبارك يستحيل إعادة إنتاجها .


بعد أقل من ثلاثة أيام ستبدء الانتخابات ، لا نعلم بالطبع نسبة الأصوات أو عددها التي سيحصدها خالد علي ، لكن الأكيد ان مغامرته حتي هذه اللحظة ناجحة بامتياز ، في اي نقاش يدور بين مجموعة في الشارع أو العمل أو في الأسرة ، لا يذكر اسمه إلا مقرونا بالاحترام للآراء التي يطرحها في معظم القضايا ، بل إن أحد اكثر الجمل التي تتردد هي جملة ( بفكر اديله صوتي بس للأسف فرصته ضعيفة ) ، أي أنه ومن معه نجحوا بجديتهم وإيمانهم بقضيتهم أن يطرحوا اسمه فعلا كمشروع مستقبلي واعد جدا وعليه ألا يتخلي عن ذلك














Friday, May 04, 2012

العائش في الحديقة



قبل ثمانية عشر عاما ، كنت أقف في الجامعة مع زميل  ، في إيدي (كشكول ) بكتب فيه المحاضرات ، وعلي الكشكول صورة ل(دولفين ) بيتقافز في حمام سباحة وكده يعني ، المهم  زميلي بص ع الصورة  وقال ( ظريف الحوت الأزرق ده ) ! قلتله بتهزر طبعا  ، ده  درفيل حضرتك ،  وكانت المفاجأة المذهلة إنه مقتنع تماما ان دي صورة حوت أزرق ، إصرار تام ان ده حوت ازرق ، أجيبه يمين شمال ،أبدا ، أحاول اشرحله وافهمه ان ما فيش حوت أرزق بيعمل عروض في حمامات السباحة لا يمكن اللي في دماغه في دماغه .
كما هو واضح  لم أنسي هذا الموقف ما حييت ، وأتذكره من آن لآخر  حين أصطدم بنماذج من هذا النوع ليست الازمة مع هذا النوع في ( نشوفية الدماغ ) مثلا او صلابتها ، أبدا  ، الأزمة  هي في تغييب المنطق ، كمثال من نوع تاني  جمهور الزمالك مثلا ، إذا افترضنا ان مصر فيها خمسة مليون زملكاوي ، فالأكيد أن منهم أربعة ملايين ( علي الأقل ) يعتقدون ان مشكلة ناديهم وسر تفوق الأهلي هي ( الحظ ) ولا شيء آخر ، ولن يستمع إليك أبدا إذا حاولت إقناعه ان الحظ لا يحابي فريقا  لمدة قرن كامل من الزمان ، ولا يعاند فريقا آخر  قرنا أيضا ، لن يستمع ولن يقتنع .
من اللحظة التي عشت فيها موقف ( الحوت الأزرق ) ، أطلقت علي هذا النوع من البشر لقب ( العائش في الحديقة ) ، شخص مع نفسه لا يعترف بحقائق أوضح من الشمس ، ولا يستخدم المنطق في أي شيء ، يكتفي بالأفكار التي قد تلمع في ذهنه في لحظة من اللحظات ، ثم يبني عليها أفكار اخري  وهمية أيضا ، لكنها في نظره  الحقيقة التي لا تقبل نقاشا
قبل قرابة عام أو أكثر صدر الحكم بحبس مبارك علي ذمة التحقيق في القضايا التي يحاكم بسببها ، وخلال الفترة التي سبقت محاكمته ، كنت لحسن الحظ اعتمادا علي المصادر ، أعلم تماما أن محاكمته ستتم علنا وسيري العالم بأكمله مبارك محبوسا في قفص ، واتابع ما يكتب في الصحف وتتناقله وسائل الإعلام ويردده غالبية الكتاب والنشطاء ، أن محاكمته لن تتم ولن يظهر في القفص وأن الموضوع ( مسرحية مسرحية )  ،أقرأ واتابع وأضرب كفا بكف ، وهو ما تكرر بشكل أقل حدة في قضية ( عمر سليمان ) وترشحه لرئاسة الجمهورية  حين أصر كاتب سياسي كبير بحجم عبد الحليم قنديل ( وهو مناضل حقيقي في عصر مبارك  لا شك ) ، أصر علي أن سليمان  هو الرئيس القادم وانه مرشح المجلس العسكري لا جدال وان وان ، إلخ  ، إلي أن اتضح ان الموضوع لا أساس له أصلا
قس علي ذلك عشرات المواضيع والمواقف يوميا  تندرج جميعها تحت فصيلة ( العائش في الحديقة ) ، أفكار مرسلة  فقط تلبي الحاجة النفسية لمن يتبنون نفس الرؤية ، دون تحقق من مدي صحتها أو دقتها ، تماما كقصة ( حظ الأهلي ونحس الزمالك ) المريحة جدا لجمهور الأخير
قبل شهور ، أثناء انتخابات مجلس الشعب ، علي قناة اون تي في تحدث كاتب معروف وأحد أصحاب الأعمدة المقروءة في جريدة الشروق  وأحد مديري تحريرها أيضا ، تحدث عن  تجربته في الانتخابات  فقال ، انه لم يتمكن من الوصول للجنته الانتخابية لأنه اكتشف بعد أن وقف طابورا طويلا لعدة ساعات انه ذهب إلي  المكان الخطأ  اعتمادا علي معلومة خاطئة قدمها له ( جاره ) حول لجنته الانتخابية ! مدير تحرير ومسؤول قطعا عن قسم التحقيقات  لم يفكر في التحقق من معلومة تخص لجنته الانتخابية ، أمي التي لم تكمل تعليمها بحثت عن مكان لجنتها علي المواقع الإلكترونية وذهبت وانتخبت إعتمادا علي هذه المواقع   بكل سهولة ، لا أحتاج إلي التأكيد أنني لم اعد أثق في حرف واحد مما يكتبه  مع كامل الاحترام له طبعا .وما ينطبق عليه ينطبق علي كثيرين أخرين من وائل قنديل إلي الأسواني  وغيرهم من فصيلة ( العائش في الحديقة ) مع احترامنا لهم جميعا

امد الله في اعمارنا ، وأعمار كل من من كتب حرفا وقدم برنامجا في الإعلام خلال الفترة التي أعقبت الثورة ، أمد الله في اعمار الجميع لحين اللحظة التي تظهر فيها الوثائق الكاشفة حول ملحمة الثورة المصرية  التي رغم بدايتها العشوائية  أديرت ب( إحكام ) حتي تتم الإطاحة بمبارك ،  ولا سامح الله كل من لعب دورا في تضليل الناس وهو يعتقد انه يقول الحق ، دون ان يبذل المجهود الكافي اللازم للوصول إلي الحقيقة أو الاقتراب منها علي الأقل