Wednesday, March 30, 2011

حدوتة عادية جدا

مرة زمان ، كان في ولدوبنت بيحبوا بعض ، بس ما كانش ينفع للأسف ، الولد كان صريح جدا معاها وقالها انه بيحبها ، وهي رغم انها كانت بتحبه ، قالتله ما ينفعش ، فضلو عارفين بعض وكل ما يحاول معاها تقوله ما ينفعش ، بعدوا عن بعض وكل واحد راح لحاله ،لكنه فضل يحبها مع نفسه ،قفل باب الموضوع خالص لكنه برضوا بيحبها ، بعدوا عن بعض تماما وكل ما يحاول ينسي يلاقي انه لسه بيحبها ، المشكلة ان هي كمان كانت كده ، فضلت تحبه من بعيد بعيد ، لكنها ما تقدرش تقوله بحبك لأنه ما ينفعش ، مرت سنة واتنين وتلاتة وخمسة ،أصبح لكل منهم بيته وعالمه ودولته وبرضوا بيحبوا بعض بس ما ينفعش ، تمر الايام والسن يبتدي يسيب علاماته ويفضل الوضع زي ما هو بيحبوا بعض وما ينفعش ، في الوقت الضايع يكتشفوا ان حل القصة للأسف كان سهل جدا وللأسف كان ينفع

Saturday, March 26, 2011

الجزء الثالث -إلي جمعة الغضب



تصل المنزل وتتوالي الاتصالات الهاتفية ، نها حسن إتصلت اولا قالت ضاحكة أنها شاهدتك في التليفزيون حين بثوا مشاهد من المظاهرة التي شاركت فيها فوق كوبري اكتوبر ظهرا ، ثم العديد من المكالمات من داخل وخارج مصر تسعي للاطمئنان بعد هجوم الأمن وإخلاء ميدان التحرير ، كنت في منتهي الضيق والعصبية ( الناس بتطمن عليك بعد خناقة انت ما دخلتهاش أصلا )، إتصل أحمد خير واخبرته انني بخير وقلت له قول لكل الناس اني كويس وما تخليش حد يتصل ، ثم اتصلت زيزي وانفعلت عليها وأخبرتها اني قلت لاحمد يقول للناس اني كويس وما يخليش حد يتصل ، اتصلت بها بعدها واعتذرت عن عصبيتي .
تغلق هاتفك وتتابع الفضائيات والفيس بوك وظهور دعوة ( جمعة الغضب ) ، تفكر فيما حدث اليوم ، كان يفوق كل خيال ، قبل خمسة وعشرين يناير بأربعة أيام وفي تحقيق اجراه هاني درويش لموقع الإذاعة الألمانية قلت أن المشاركون سيتراوح عددهم بين (ألفين إلي خمسة آلاف في القاهرة ) وربما يحدث استثناء في المحلة فقط بسبب شروطها الخاصة ( لم ينشر التحقيق الجزء الخاص بالمحلة ) ، عموما كيف أسأت التقدير لهذا الحد ؟ لابد ان تعترف انك المسؤول عن ذلك ،دورانك في حلقة مفرغة من المشاكل الشخصية خلال العام الأخير أدي لانفصال ما عن الشارع وسوء في التقدير .
إتصال هاتفي في الثانية ليلا من صديقك ومديرك المذيع حسن فودة ، نتناقش في ماحدث ، حسن عمل لسنوات مراسلا من رئاسة الجمهورية وقريبا من الرئيس ،ختمت المكالمة قائلا ( المهم ان الرسالة تكون وصلتهم ) ، قال ( وصلت ! هي وصلت بعقل ؟ الدنيا مقلوبة ووالعة فوق !)
السادس والعشرين من يناير تستيقظ الثانية عشر ظهرا ، تتابع سريعا الفيس بوك والفضائيات ، التفاؤل والأغاني الوطنية ودعوات يوم الغضب تملأ الفضاء الإلكتروني ، أنباء عن مظاهرات متفرقة في شوارع القاهرة ،وسط البلد ، العباسية ، مدينة نصر ، تتاهب للذهاب للعمل ، مكالمة من حسن البربري يسأل إذا كان شيئ سيجري اليوم ، تخبره أن هناك مظاهرة بالفعل الآن قريبة من عبد المنعم رياض ،تقول له أنك للاسف ذاهب للعمل ولن تلحق بها ، إتصال من إسلام محسن حول نفس الموضوع ، تقول له أقرب مظاهرة ليك هي مظاهرة العباسية ، إستناهم يوصلوا باب الشعرية وضم عليهم
في العمل نقاشات حول ما حدث أمس ، الكل غير مصدق ، نتذكر قيام شبكات المحمول بقطع الخدمة عن ميدان التحرير أمس ، نبتدع فكرة دعوة لمقاطعة الشبكات الثلاث يوم الاحد 30يناير ترسل إيميل بهذه الدعوة لقرابة عشرين شخصا ،تشعربعد ذلك بسذاجة الفكرة ، ، إنقطع النت قليلا لكنه عاد بعد ساعة تقريبا ، تتابع أخبار المظاهرات في وسط البلد وبولاق ، يتصل بك محمد خير ويخبرك أنه في إحداها والأمن طاردهم ثم تجمعوا مجددا في شامبليون ويخوضون حرب شوارع معهم ، تحاول الاتصال به مجددا وتجدهاتفه مغلق يساورك القلق وتتأكد بعدها من يحيي وجدي واحمد خير انه ألقي القبض عليه
في العمل ، نكتشف قناة غريبة ( قناة الراي أوالرأي ) ،تبدو وكانها مخصصة فقط لما يحدث في مصر ، تنهمك في العمل وتتابع الأخبار التي تتوالي من السويس وشائعات نزول الجيش هناك ، إتصال من صديقك ومديرك ياسر رشدي ، يمازحك (خدتوا الميدان يا عمر ؟) ، كانت هذه العبارة هي كلمة السر بينكما ، بعد دخولنا ميدان التحرير يوم 25 تمكن ياسر من الاتصال بك رغم انقطاع الهواتف وأجبته بحماس ( خدنا الميدان يا ياسر ) ، يخبرك أن قناة تليفزيونية امريكية سألته إذا كان يعرف احدا من المشاركين في مظاهرات الامس لتجري معه مداخلة هاتفية ورشحني لهم ، لم امانع واتصلوا بعد قليل تحدثت معهم عن كراهية المصريين لنظام مبارك الذي تراجع بمصر علي كل المستويات إلخ ،سألوا عن إمكانية تكرار النموذج التونسي في مصر وقلت ان هذا كلام سابق لأوانه لكن الأكيد أن مظاهرات الأمس أجهضت مشروع التوريث تماما .، تطمئن علي محمد خير بعد إطلاق سراحه ، تنهي عملك في الثانية عشر ليلا وترحل .

الخميس 27يناير ظهرا ، ترسل رسائل لمعظم من تعرفهم من أصدقاء ومعارف للمشاركة في جمعة الغضب ، قبيل العصر يصدر أول رد فعل من النظام علي الأحداث ، يخرج صفوت الشريف في مؤتمر صحفي قصير ليلقي كلمته التاريخية باسلوبه المميز ( مطالب الشعب فوق رؤوسنا ) ، يتلعثم في إحدي الكلمات ، حسنا الارتباك واضح ،وتأخر رد الفعل يؤكد انهم في مأزق حقيقي ، تذهب لتناول الغداء مع الأولاد في الحدائق ومنها إلي وسط البلد للقاء ماريان ،في الإسعاف تري مظاهرة تعبر الشارع إلي بولاق ابو العلا ،شباب صغار السن في العشرينات وما دونها يهتفون ( عللي وعللي كمان الصوت ، إللي هيهتف مش هيموت) ، تنضم إليهم وتتصل بهاني درويش لينشر الخبر ،يسألك عن مدي تاكدك من صحة الخبر ، تقول له انك تسير معهم فعلا ولم تنقل الخبر عن مصدر وسيط ، إتصال من هشام طليب بعدها بدقائق يخبرك بمظاهرات ومعارك بين الأمن والمتظاهرين في الطالبية بالهرم وانه هناك والأمن يضرب قنابل دخان بغزارة حتي داخل البيوت ، تحاول الاتصال بهاني لإبلاغه لنشر الخبر ايضا وتفشل ، إنقطعت الاتصالات تقريبا او كادت
تلتقي بماريان في الجوريون ، بالقرب منكما تلمح محمد نعيم وآخرون ، تسلم علي نعيم بحرارة ، لا صوت في المكان يعلو فوق صوت المعركة ، تقول ماريان انها متشوقة تماما لمعرفة ما سيجري غدا تسألك عن توقعك ومشاعرك تقول لها انه لن يمر علي خير ،ولاوصف دقيق لما أشعر به إنت نازل مشوار مش عارف اول من آخره ومفتوح علي كل الاحتمالات ،لا انت عارف هتروح سليم ولا تاخدلك رصاصة طايشة ولا يتقبض عليك ، كل الاحتمالات قائمة وما فيش رجوع

Saturday, March 12, 2011

الجزء الثاني




كنا نهتف قليلا ثم نجلس للنقاش أو نتحرك في الميدان بحثا عن الأصدقاء ،إنقطعت الاتصالات اوكادت مع ميدان التحرير ، كان المشهد بديعا حقا ،ذوبان كامل بين كافة الفصائل السياسية الفصائل كلها اندمجت لهدف واحد (إسقاط النظام ) ،شيوعيين بوفديين بناصريين ،حتي الإخوان هذا الفصيل المتحفظ الذين أعرفهم جيدا باعتبارات التاريخ القديم تخلوا عن تحفظهم واندمجوا وجالوا معنا في الميدان يدا واحدة ونحن نغني ( الجدع جدع والجبان جبان ) وغيرها ،أينما تولي وجهك تجد رمزامن رموز مصر الحقيقية نخبة الوطن بالكامل هنا
أثناء وقوفك مع الأصدقاء أتي صديق لا أذكر الآن من هو وهمس في اذنك ( سنلتقي بعد نصف ساعة لصياغة بيان بمطالب الانتفاضة في مقهي كذا، إحضر ) ، لكني لم أذهب حقيقة ، لماذا ؟ لأن الحقيقة الغريبة أنني زاهد في العمل السياسي إلي أبعد مدي ، أنا لا احب السياسة ، فقط اكره الظلم واكره حسني مبارك ونظامه بكل ما يمثله من انحطاط واحلم بعالم عادل وحياة كريمة ، لكني لا احب السياسة أبدا ولا أتخيلني قائدا جماهيريا أونائبا برلمانيا يهتف الناس باسمه قائلين (عاش موحد الأديان ) ، أحلم فقط أن اتفرغ للموسيقي والقراءة والكتابة وشكرا .
تلتقي أخيرا بصديقك تامر ابراهيم الذي كان من المفترض ان تلتقيه ظهرا ، تتجولان في الميدان وتعرفه علي الاصدقاء ، تلتقي أيضا بصديقك الوفدي محمد زارع الذي التقط لك صورة اعتقالك عام 2005 ، تمازحه قائلا ( هي كده كملت ، حسن البربري الضهر وانت بالليل يبقي هتقفش النهاردة )
تتجول مع تامر في كل أرجاء الميدان لتأمين المخارج في حال حدوث هجمة امنية ، تتفقدا مخارج ومداخل المترو ،أعتبر المترو دوما منفذا مهما في مثل هذه المواقف وهومقصدي الأول في تفادي الضربات الأمنية ،يتميز بأنه يتيح لك الاختفاء السريع من امام الأمن ،لكنه في الواقع سلاح ذو حدين ، قد تسهل محاصرتك داخله أيضا ، لم نجد سوي مخرج واحد فقط مفتوح المجاور لجامعة الدول العربية ،أثناء عبورك لتفقد المخرج الموازي له علي الرصيف الآخر تشعر انك مراقب ، تنظر خلفك إلي المدخل الذي تفقدته حالا لتجد رجل أمن في زي مدني يتفقد ما كنت تتفقده ، ينظر إليك خلسة وندرك أننا التقطنا بعضنا البعض ، تشعر ببعض التوتر وتكمل جولة الميدان ، يصعد أيمن نور وعمار علي حسن وعبد الجليل مصطفي لإلقاء بيان الجمعية الوطنية للتغيير ،يبدأون في قراءة المطالب وتبدأ كالعادة هتافات المقاطعة من البعض ، يستفزك أعلاهم صوتا في المقاطعة ،تشعر انك موعود دوما بالمخربين ، كان يردد باستفزاز ( يا زملا –ما تديهومش فرصة يسرقوا ثورتنا )، كان يقف أمامي مباشرة ، ولا أستطيع سماع شيئا بسببه ، إنفعلت عليه قائلا ، يا سيدي تبقي تكمل الثورة الأول وبعدين نشوف ، ولومش عاجبك كلامهم ما تقفش تسمعهم .
إنتهوا من قراءة البيان ، ذهب تامر لشراء أكل وسجائر وجلست في انتظاره ، اقتربت الساعة من الحادية عشر ليلا ومع ذلك وصلت دفعة جديدة من المتظاهرين بالمئات ، شباب بولاق أبو العلا وصلوا يا رجالة ، ما تفهمش دول أيه اللي اخرهم ، أكيد خناقتهم مع الأمن هناك كانت تليق بمستوي بولاق ،عاد تامر بالأكل لكنه لم يشتري سجائر ، للأسف لا يدرك غير المدخنين قيمة السجائر في مثل هذه الأوقات ، تجلسان قليلا ثم ينصرف تامر ، في حوالي الحادية عشر والنصف تضطر لترك الميدان قليلا وتذهب للبحث عن علبة سجائر ، بعد خروجك وأثناء توجهك لباب اللوق تلمح التحركات الامنية بالخارج استعدادا للهجوم ، تفكر في العودة للميدان وتتردد في ذلك ،الهواتف مقطوعة تقريبا ولاتستطيع الاتصال بأصدقائك في داخل الميدان تفكر في الخطوة التي يجب ان تتخذ الآن ، وتنفذها فورا ، لم تكن خطوة واحدة ، بل خطوات سريعةجدا إلي محطة مترو محمد نجيب .

Saturday, March 05, 2011

اكتب عنها كما عشتها مثلما تعلمت في قسم التاريخ الجزء الأول



الرابع والعشرون من يناير عصرا ،مقابلة علي الفيس بوك مع صديق ظابط شرطة ،نعرف بعضنا البعض منذ ست سنوات ، شخص طيب جدا ولا تفهم لماذا التحق بالداخلية رغم انه طبيب بيطري أصلا ، يدور بيننا حوار ضاحك حول مظاهرة الغد ، تتبادلان الضحك كثيرا ، يقول لك معلش في ساحة المعركة ما فيش صحوبية ،ياريت بس ما تحدفوش دبش او زلط ،إحدفوا طوب صغير عشان نرجع سلام ، واحنا من ناحيتنا برضو مش هنتقل أيدينا ، ينهي المحادثة بعبارة نفسي اعرف مين اللي وراها ، شاكك ان امن الدولة اللي مرتب لها !

الرابع والعشرون من يناير ليلا ، مكالمة هاتفية مع محمد خير ، اخبرته أني في المنزل ولن أخرج الليلة ، نتبادل المزاح حول تظاهرات الغد ،ونضحك كثيرا حول فكرة الذهاب للسينما كما فعل السادات ليلة ثورة يوليو ، إتصال من ماريان ،يساورها القلق وتشعر أن شيئا غريبا يحدث وانها لن تكون مظاهرة عادية ، تقول أنها شاهدت العاشرة مساء وأن مني الشاذلي تحدثت عن مظاهرات الغد وخطب الرؤساء الأخيرة ! تعتبر ماريان دوما أن إشارات مني الشاذلي غير بريئة ، تطلب منك توخي الحذر ،تنهي المكالة قائلا (خليها علي الله يا ماريان لا هي اول مظاهرة ولا آخر مظاهرة ) .
علي أحد المواقع تجد تصريحا لعصام العريان حول المظاهرات يقول ( الإخوان سيشاركون بشكل فردي ،من يريد المشاركة من شباب الإخوان سيشارك كأي مواطن عادي ولانستطيع ان نمنعه ) . هذا تصريح مثير للريبة ، انا أحترم عصام العريان ،لكن تصريحاته أحيانا يكون خلفها شيء ما ، تنهي اليوم باتصال مع صديق قديم يشارك لأول مرة يسألك أين نلتقي ومتي ، تتفقان علي المكان ، قبل أن تذهب للنوم تكتب علي الفيس بوك ( كرة التلج بتكبر يا مسهل ) ، تفشل في النوم حتي الثالثة فجرا رغم أن عملك سيبدأ في السادسة صباحا .
تستقظ في الخامسة والنصف ، تتناول الإفطار علي عربة فول قرب محطة المترو ،اليوم عطلة رسمية بمناسبة عيد الشرطة ، أحد الزبائن يقول للبائع ( الحكومة ادت الناس اجازة النهاردة عشان في مظاهرات ) ، تفكر في تصحيح المعلومة له وإخباره أن عيد الشرطة أجازة رسمية منذ العام الماضي لكنك تتراجع ،شعورك بالريبة يزداد ، مصر بالكامل تعلم أن مظاهرات ستجري اليوم ، حتي الأوبرا ألغت حفلاتها اليوم !
في الطريق إلي العمل أمام كوبري الجلاء وشيراتون القاهرة تقف عربة مصفحة تابعة للأمن المركزي ، يلفت انتباهك هذا التواجد المبكر الساعة لم تتجاوز السابعة صباحا بعد !
تنهمك في العمل ، الحادية عشر ظهرا تبدأ الاتصالات من بعض الاصدقاء أين نذهب وكيف نتحرك ، تشعر أنك تحت ضغط المسؤولية ، بعضهم يشارك لأول مرة وتخشي ان يحدث لهم أي شيئ ، سيكون ذلك علي مسؤوليتك ، تفقد تركيزك في العمل وتخطيئ في كتابة إيميل ثلاثة مرات متتالية ، ينتبه رؤسائك لذلك ، تتابع الاخبار التي تتوالي تدريجيا ،خروج مظاهرة من دار السلام ، مظاهرة في مصر القديمة والمشاركون حوالي عشرين ألف ! تقول لحسن فودة أنك غير مصدق ،يبدو ان شيئا مختلفا يحدث فعلا ، تطلب الاستئذان والانصراف مبكرا ، يرفض رئيسك في العمل ذلك ويطلب منك البقاء وعدم المشاركة في المظاهرات ، ترد ما اقدرش طبعا يعني أيه ؟ ، أقعد ادعو الناس ع الفيس بوك وانا ما انزلش ؟
قبل أن تنزل تحاول الاتصال بصديقك القديم تامر ابراهيم والذي يشارك لأول مرة من اجل تغيير مكان اللقاء، كان الاتفاق ان نلتقي بجوار محطة محمد نجيب ، تحاول الاتصال لتبليغه بتغيير المكان والتقاء في محطة الأوبرا ( تغيير المكان كان كسلا مني لا أكثر وليس بهدف التمويه ) ، تفشل في الاتصال به وتبعث إليه برساله تخبره بتغيير المكان والالتقاء في الأوبرا ، يقرأها بعد ان يكون قد وصل محمدنجيب فعلا ،يعود أدراجه إلي المترو ليركبه في اتجاه الأوبرا ، كنت قد وصلت إلي كوبري الجلاء ووجدت المئات يحاولون عبور الكوبري تجاه ميدان التحرير لكن كردونات الأمن تعوقنا ،إتصل بي تامر من محطة المترو ، قلت له إصعد من المحطة ستجد مظاهرة أمامك انضم إليها ، يصعد ليجد نفسه في قلب الحشود المحتشدة ،يتصل بك ويخبرك بذلك وهو سعيد ويقول انهم يشتبكون مع الامن وعددهم كبير ويقتربون من دخول الميدان ، تضحك في سرك ( لابد انه يعتقد الآن أنك القائد المعلم ) والحقيقة أن الموضوع تم فقط بالصدفة ربما أو بالخبرة المعقولة في التظاهر عبر سنوات والتي جعلتك تعتقد ان كوبري الجلاء وقصر النيل سيكون احد المعابر التي سيقصدها عدد كبير من المتظاهرين ، إضافة طبعا إلي معلومة عرفتها قبل مغادرتك المكتب حول مظاهرة تحركت من بولاق والطبيعي أن تتجه إلي التحرير من ناحية كوبري قصر النيل .
علي كوبري الجلاء الذي نفشل في العبور من خلاله تلمح رشا عزب وحسن ، هم فقط من تعرفهم من المتظاهرين ، رشا عزب تقود الهتاف ، تلقي إليها بالتحية من بعيد وتردها، تنضم لها وحسن ، تتلقي اتصالا من يحيي وجدي يخبرك انه علي كوبري الجلاء وتخبره انك هناك أيضا ، تلتقيان قليلا قبل ان تتفرقا بفعل الزحام
كان اللافت بقوة ان نسبة كبيرة من المتظاهرين هم شباب صغار السن أولادوبنات في حدود من الثامنة عشر إلي الخامسة والعشرين ، من هؤلاء ؟ هؤلاء غير مسيسين بالمرة ومكانهم الطبيعي كافيهات وسط البلد وحدائق العشاق ، إنها مصر المدهشة الولادة دائما ، معنا أيضا شباب الإخوان ، في الزحام وأثناء محاولات اختراق الكردون يشتبك بعض الشباب الصغير مع عساكر الأمن ويشتمونهم ، تتدخل للتهدئة وتقول للشباب ان هؤلاء العساكر لا ذنب لهم وهم بالتأكيد متعاطفين معنا ويعانون اكثر منا ، تعتذر للعساكر ، يشعر الشباب أنه لا جدوي من محاولات اقتحام الجلاء ونتحرك فجأة باتجاه شارع النيل متجهين إلي كوبري اكتوبر ، تلمح بعض وجوه شباب الأحزاب الأخري الوفد والجبهة وعلي رأسهم أسامة الغزالي ،تتصل بمحمد خير الذي يخبرك انهم يخوضون معارك طاحنة في القصر العيني ،نسير هاتفين بسقوط النظام ونوجه هتافنا للاهالي في المنازل الذين احتشدوا لمتابعتنا ( إنزل – إنزل ) ، نصل إلي كوبري أكتوبر من ناحية العجوزه ، نتمكن من مغافلة الأمن واقتحامه لأن عددنا أكبر منهم بمراحل وتوجد خمسة محاور للكوبري ،تنتبه انك وحسن في مقدمة الصفوف وبدون تفكير تقتحمان كردون الأمن المركزي في ظل تشتت الظباط والعساكر الذين فوجئوا بهجوم المتظاهرين من محاورالكوبري المتعددة ، ننجح في الاقتحام وينسحب الأمن تماما ، كنا قد أصبحنا قرابة ثلاثة آلاف متظاهر ووجودنا فوق الكوبري تسبب في تضاعف عددنا حتي وصلنا قرابة الخمسة آلاف تقريبا ، كنا نهتف حين يمر أي أوتوبيس بجوارنا ( إنزل إنزل ) ولأول مرة في التاريخ كان العشرات ينزلون فعلا وبحماس .
كان حسن ورشا وآخرون يقودون الهتافات بالتناوب ، توقف حسن قليلا لالتقاط الأنفاس وتدخين سيجارة ، مزحت معه قائلا ( وجودك طمانني أننا سنقضي الليلة في زنزانة ) ،لنا سابقة مشتركة عام 2005 بعد أن أعلن مبارك ترشحه للانتخابات الرئاسية وخرجت مظاهرة 31يوليو الشهيرة ، ألقي القبض عليه بعد أن أعطيته لافته كنت قد التقطتها من كريم الشاعر وهو محاصر في الكردون الذي ضربه الأمن عليهم امام الحزب الناصري ، ثم ألقيت اللافته ذاتها لحسن والتي كان مكتوبا عليها (لا لمبارك ) بعد أن حاصرني الأمن أيضا في شارع طلعت حرب ، وبعد إلقاء القبض علي حسن ، لحقت به بعدها بخمس دقائق إلي نفس عربة الترحيلات ومنها إلي معسكر الدراسة
تضحكان قليلا علي هذه الذكريات وتكملان المسير والهتاف ، كنا علي مشارف الوصول للمقرالرئيسي للحزب الوطني بالكورنيش ، دب الحماس مجددا بعد رؤية مقر عدونا الأول بلافتاته الكريهة ( من أجلك انت ) ، توقفنا قرابة عشر دقائق مرددين الهتافات المطالبة بسقوطه وسقوط حسني مبارك وولده واحمد عز ، الجماهير علي الأرصفة وفي السيارات وفي الشارع الذي توقف تماما تراقب ما يحدث والبعض ينضم إلينا ثم تقدمنا تجاه الميدان ، أمام الحزب بدأنا نشم رائحة الغاز المسيل والسائل الغريب الذي يرشونه الذي يجعل العين تدمع (يا اهلا بالمعارك يا بخت من يشارك ) ، لكننا لم نخض أي معركة ،وجدنا الميدان مفتوحا والآلاف من المتظاهرين يحتلونه ، إستقبلونا بالهتاف المدوي ، تقدمنا إلي قلب الميدان لنجد عشرات الآلاف من المتظاهرين ، لم أر هذا المشهد منذ مظاهرة احتلال العراق قبل ثمان سنوات ، بدأت البحث عن الأصدقاء وجدت احمدخير ومحمد خير واحمد ناجي وياسر نعيم ونيرمين خفاجي وحاتم تليمة، تجلس مع محمد خير قليلا لالتقاط الأنفاس ، يحكي لك محمد تفاصيل المعارك الطاحنة التي خاضوها حتي أجبرواالأمن علي الهرب واقتحمواالميدان ، يقول مين كان يصدق المشهد اللي احنا فيه ده ، تقفان لالتقاط صورة ثم تنضمان إلي الجموع المحتشدة ،يلمحكما أحمد ناجي ويسلم عليكما قائلا : معجب بإصراركم علي الصداقة حتي في النضال ،كانت الساعة قد وصلت إلي الخامسة تقريبا ،تسمع صوت هتاف جديد يتسلل إلي أذنك ،ترُكز لالتقاطه،ترتعش كل خلايا جسدك بعد أن التقطته ورددته معهم لأول مرة (الشعب –يريد –إسقاط النظام ) ، يرتج الميدان من قوة الحناجر التي تردده ، تقريبا لم أعش من قبل لحظة ساحرة مثل هذه اللحظة، تلمح بين الصفوف المخرج والصديق تامر السعيد وهويتحرك محمسا المتظاهرين علي ترديد الهتاف الساحر المعبر تماما عما نريده ،تلتفت يمينا إلي محمد خير لتجد علي وجهه نفس الحماس والقوة والحسم وهو يردد الهتاف الذي كان له مفعول السحر فيما حدث بعد ذلك .